البحث
  كل الكلمات
  العبارة كما هي
مجال البحث
بحث في القصائد
بحث في شروح الأبيات
بحث في الشعراء
القصائد
قائمة القصائد
مناسبة القصيدة : إذا كان علم الناس ليس بنافع


اللزومية الثانية والعشرون حسب شروح لزوم ما لا يلزم :(بحر الطويل) عدد الأبيات (16) فساد العقائد: (1) الهمزة المكسورة مع الميم : (2) وهي القطعة الثانية والعشرون حسب ما أورده الدكتور طه حسين في كتابه "صوت أبي العلاء" ص62 وهو كتاب يتضمن شرح خمسين لزومية، نشرت لأول مرة عام ١٩٤٤ : منها ٣٦ لزومية مما قافيته همزة وألف، والباقي من قافية الباء وكل ذلك أدرج ضمن نشرته لشرح اللزوميات لاحقا عام ١٩٥٥م، وقال في شرحه للزومية: الويلُ كل الويل للعلماء، والخُسْر كل الخسْر للحكماء، إذا لم يُقَدَّر لعلمهم أن ينفع الناس شيئاً، ولم يُتَحْ لحكمتهم أن تَكُفّ عنهم سوءا. لقد تم في الناس قضاء الله بما هو كائن من خير وشر، فهو يمضي لا معقِّب لحكمه ولا رادَّ لأمره. وعبثاً يحاول المصلحون أن يغَيِّروا منه قليلاً أو كثيراً. أجل، لقد أمضى الله القضاء بما شاء، فليس لك منه مفرٌّ ولا معتصم. دونك الأرض فاتخذ فيها نفقاً، ودونك السماء فاتخذ إليها سُلَّماً؛ فإن أعجزك ذلك ، وهو معجزك من غير شك ، فأذعن لما قضى الله عليك؛ فإنك لن تستطيع من ملكه خروجاً، ولن تملك من قدرته إباقا. سِرْ في آثار من مضى قبلك؛ فإنك لهم تابع، ولخطاهم مترسِّم. عاشوا عبيداً أذلاء، فعش مثلهم عبداً ذليلاً. لقد ملكني العَجَبُ من هذا العالم، فما أَنْفَكُّ مغرقاً فيه، مطيلاً له، أرى فيه السعيد والشقي، والفقير والغني، وأجد فيه الرَّيَّان يكاد يقتله الرِّي، والصديان يكاد يخترمه الصدَى. والدهر على الناس مسيطر، قد عظُم سلطانه واشتدت سطوته، ينالونه بما شاءوا من عيب له وطعن عليه، فلا يصيبه منهم شيء، ويرميهم بسهامه المتصلة ونصاله المتتابعة، فلا يخطئهم منها سهم. جِدُّوا ما شئتم في عناد الدهر وخصامه، وفي ذَمِّه والزراية عليه؛ فليس ذلكم برادٍّ عنكم حكمه، ولا بقابض عنكم يده. إنه عليكم لمسيطر: يميتكم، ويحيل أجسامكم إلى ما شاء من مادة، ويمنحها ما أحب من صورة. انظروا إلى هذه الغصون النضرة، والأشجار الخضرة، هل هي إلا عظامكم بعد البلى، وهل ماؤها إلا دماؤكم بعد الفناء. ألا إنّ الشر في هذه الحياة واقع، ليس له دافع؛ وهو نقاد لا يغفُل، وباحثٌ لا يخطئ. ألا وإن أكثر الناس منه حظًّاً وأعظمهم منه نصيباً، أشدهم له فهماً وأكثرهم منه احتياطاً. أنفقوا بينكم الثروة، وأشيعوا فيكم المعروف؛ فلن ينفعكم حرص، ولن يُفيدكم اقتصاد، ولن يكون مُنفقكم جواداً ولا باذلكم كريماً حتى يُكثر الإنفاق ويوسع البذل. أَقْدِمُوا ولا تحجموا، دعوا التردد جانباً وانبِذوه ناحية، فإنكم صائرون إلى ما تكرهون طائعين أو راغمين. أقْدِموا أعزَّاء قبل أن تكرهوا أذلَّاء صاغرين. لقد آن لكم أن تستبصروا، وحان لكم أن تنتبهوا، وحق عليكم أن تفيقوا. ألا إن ما أنتم فيه من سُنَّة وسيرة، ومن شريعة ودين، ليس إلا مكر الأقدمين، اتخذوه سبيلاً إلى جمع الحُطام، وإحراز الثروة، فأدركوا ما أمَّلوا، وبلغوا ما أرادوا، ثم مضت أيامهم وانقضت مدَّتهم، فَلْتَبِدْ معهم سُنَّتهم السيئة وأصولهم الضَّارة. لقد خدعكم الخادعون، وعبِث بألبابكم العابثون، فمنَّوكم الحياة الثانية، وزعموا لكم انقضاء الدهر وانتهاء أجله، وأنه عنكم مرتحل ولكم تارك، وأن الأيام لم يبق فيها إلا بقية الروح في جسم المذبوح. لقد كذبوا، ما يعرفون للدهر أجلاً، وما يعلمون له انقضاءً، وإنما هي ظنون مُرَجَّمة، وأنباء متوهَّمة. ألا فأعرضوا عن مقالة الزعماء الكاذبين، والأغوياء المضلِّين. لا تيأسوا من الدهر ولا تطمعوا فيه، ولكن القصد بين الخَلَّتَيْن، والاعتدال بين الخَصْلتين؛ فإن اليأس من الدهر هُلك، والاطمئنان إليه غرورٌ. وكيف يُسَرُّ ساعةً في الدهر من يعلم أن له من الموت غريماً لا يُرَدُّ، وطالباً لا يُدْفَع؟ إنكم لتُخْدَعُون عن أنفسكم بأواصر القُرْبَى وروابط المحبة، وإنما هي الشر كل الشر والخطر كل الخطر. فالحذرَ الحذرَ من أضرارها، والتقيةَ التقيةَ من آثامها، فما آذاك مثل قريب، ولا ضرك مثل حبيب. ** أما عن شهرة أبيات هذه اللزومية فلم نقف على ذكر لبيت من أبياتها فيما رجعنا إليه من المصادر وهي إحدى اللزوميات التي اختار منها ول ديورانت في قصة الحضارة البيتين (11،12) قال: ثم ينفجر غضبه كما ينفجر غضب ديدرو Diderot فيقول: أَفيقوا أَفيقوا يا غُواةُ فَإِنَّما=دِيانَتَكُم مَكرٌ مِنَ القُدَماء#ِ أَرادوا بِها جَمعَ الحُطامِ فَأَدرَكوا=وَبادوا وَماتَت سُنَّةُ اللُؤَماءِ# @ والجدير بالذكر أن الأبيات(11،12،13،14) رقم (8،9) من الأبيات التي أوردها أبو العلاء نفسه في كتابه "زجر النابح" المنشور بتحقيق د. أمجد الطرابلسي ص14،15. رقم (8): أَفيقوا أَفيقوا يا غُواةُ فَإِنَّما=دِيانَتَكُم مَكرٌ مِنَ القُدَماءِ# أَرادوا بِها جَمعَ الحُطامِ فَأَدرَكوا=وَبادوا وَماتَت سُنَّةُ اللُؤَماءِ# قال أبو العلاء في الرد على من اعترض عليه في البيت الأول: المعنى أنّ أهل الكتاب كانوا يمكرون بأتباعهم. وفي الكتاب العزيز: (ومَكرُوا ومَكَرَ الله). وفيه: (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا(. وهذا من المكر. وكثيراً ما يقول اليهودُ في ألفاظهم وحديثهم: ذكر قدماؤُنا كذا، وخبّر قدماؤنا ذلك. فبُني الأمر على هذا النحو. هـ. هذا كلامه في هذا البيت، من الزجر.9_ب. رقم (9) يَقولونَ إِنَّ الدَهرَ قَد حانَ مَوتُهُ=وَلَم يَبقَ في الأَيّامِ غَيرُ ذَماءِ# وَقَد كَذَبوا ما يَعرِفونَ اِنقِضاءَهُ=فَلا تَسمَعوا مِن كاذِبِ الزُعَماءِ# قال أبو العلاء في الرد على من اعترض عليه في البيت الثاني: المعنى: أنّ الزمان خلقه الله سبحانه وجعله أجزاء يحدث بعضها في إثر بعض، لا فناء لها، وقد جاء في الشرع مثل هذا. لأنّا نقول: إن نعيم أهل الجنّة لا ينفد. والمراد أنّه كلّما فني نعيم حدث بعده نعيم يتصل به من غير انفصالٍ ولا مهلة. وقول الناس: هذا آخر الزمان، إنما يريدونَ به زمانَ الدنيا. ولابد أن تكون الآخرة في زمانٍ يحدث منه شيءٌ في إثر شيء. وقد نطق به الكتاب العزيز. لقوله تعالى: (هذا يَوْمُ يَنْفعُ الصَّادقين صِدقهم) و (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقونَ) و (هذا يَوم الفَصْلِ جَمَعْناكُم والأَوّلينَ) و (الأمْر يَومئذٍ لله)، وغير ذلك. فقد علم أن المعنيَّ بهذا يوم القيامة، واليوم من أسماء الزمان هـ. هذا كلامه في هذا البيت هـ. (1)حرف الهمزة_ الهمزة المكسورة مع الميم: ص 59شرح نَديم عَدِي_ ج1/دار طلاس للدراسات/ط2. (2)فصل الهمزة_ الهمزة المكسورة مع الميم: ص 153تأليف الدكتور طه حسين، إبراهيم الأبياري ج1/دار المعارف بمصر.


الى صفحة القصيدة »»